منذ أيام الاستعمار ، كان بعض كتاب
حضرموت ينشطون في كتاباتهم ، وفي مقالاتهم ، فاتخذوا من التاريخ سلاحا ، حيث أن
البعض كان منبهرا بالتاريخ القديم ، وما خلفه الأجداد من صروح وقصور مهترة .
فبدأ البعض ينبشون التاريخ والكتابة
عن التاريخ ، وعمل مقارنات بين الحاضر والماضي ، والهدف من هذا كله كان في بادي
الأمر تحفيز عوام الناس ، وتعريفهم عن حضارتهم البائدة كما يقولون .
إلا أن هناك من بين الكتاب من كان
يتصف بالنزاهة في تعقبه للتاريخ كأمثال المؤرخ الحضرمي محمد عبدالقادر بامطرف ،
وهناك من كان مزيفا إلى أبعد الحدود فتارة تجده يدخل ما ليس في التاريخ ، وتارة
أخرى ينسب لأجداده ما ليس لهم ، حتى ظهر في الساحة كُتاب ليس لديهم هم إلا هم دولة حضرموت الكبرى ، حتى ولو استدعى الأمر أن
ينخلسوا من الانتساب إلى اليمن ، وسلب إخوانهم
تاريخهم وأراضيهم ، وضمها إلى حاضرتهم ، على سبيل المثال ما نشره المهندس
بدر محمد باسلمه أعدها بعنوان " ملامح رؤية لمستقبل الجنوب " نشرت في
موقع المكلا اليوم بتاريخ 11 / 9 / 2011م ، ويقترح تسمية إقليم الجنوب بأقليم
حضرموت ضاربا بتاريخ المحافظات الجنوبية الأخرى عرض الحائط .
وما أكثر تلك المقالات التي تحاول أن
تؤل الأحاديث النبوية وتدعي أن حضرموت ليست من اليمن ، ولم تكن يوما من الأيام ،
ويستدلون في أحاديث قالها الرسول صلى الله عليه وسلم وعطف حضرموت باليمن ، فصيغة
العطف حللوها ، وأولوها على ما تهوى أنفسهم .
الحضارم لا زالوا يحلمون بحضرموت
الكبرى حتى لو بدأ ان واحد منهم يريد الفدرالية او ظهر بثوب العدالة ، فلو تلاحظون
ضم المهرة في ولاية حضرموت وترك شبوه والتي كانت فترة من الفترات التاريخية عاصمة
لدولة حضرموت القديمة ، فلماذا بعض الحضارم يريدون المهرة ويعتبرونها جزء منها مع
ان التاريخ لم يقل ذلك وليس في كتب التاريخ ما يوضح او يؤكد مطامعهم ...؟
حدثت بيني وبين احد الزملاء مشادة
كلامية ، وجدال عقيم ، فزميلي وأثناء ما كنا نتحدث عن اليمن ومحافظاتها وتاريخ كل
محافظة ، رأيته يقول بملء فم : " المهرة كانت تابعة لحضرموت ، وهي ارض حضرمية
" هنا أحببت أن أبين له أن المهرة ليست أرض حضرمية ، ولم تكن يوما ، أما إن
كانت تابعة فترة من الفترات ، فتلك سياسة الدول ، فالحبشة مثلا حكمت اليمن فترة من الفترات ، وهذا لا يعني أن
اليمن أراضي حبشية ، هذا لا يستقيم ، وهنا سكت ذلك الزميل ولم يستطع أن يتفوه كلمة
.
فهذه الحادثة البسيطة ليست الوحيدة ،
وإنما هناك الكثير من أبناء حضرموت الذين يؤمنون أن المهرة هي أرض حضرمية ، وان
المهري ليس له تاريخ ، حتى أن هناك عبارة يتداولها أبناء حضرموت وهي " مهري
بلا تاريخ " .
في العدد الرابع لصحيفة الاحقاف أنتقد
المحامي محمد سالم بن بريك بمقالة رائعة جدا بعنوان " حضريمي خس ذاحبو "
والتي تعني : " حضرمي أخس الناس " ، بعض أبناء المهرة الذين تنكروا لكل
ما هو جميل بين المهري والحضرمي ، وعاتبهم بشدة ، واستنكر تلك المقولة المشينة ، ونحن
نؤكد على كل ما قاله في مقالة السابق ، وهنا نحاول أن نكمل ما بدئه الكاتب .
إلا أن الكاتب محمد بن بريك لم يكن
منصفا حين انتقد أبناء المهرة فقط في وصفهم لإخوانهم أبناء حضرموت بتلك الصفة
المشينة ، ولم ينتقد أو يعاتب بعض أبناء حضرموت الذين لا يريدون إلا أن يغتالوا كل
جميل بينهما ، مع أن من شروط الانتقاد أو النقد الصحيح هو النظر إلى أسباب الصفة
أو التهمة ، ووقت ظهورها .
وكان ينبغي من الكاتب أن يتسأل ما
الذي جعل أبناء المهرة يصفون أخوانهم بتلك الصفة ؟ ومتى ظهرت تلك الصفة على السطح
؟ وهل قبل 50 سنة كحد أقصى كان المهري
يقول على اخية الحضرمي انه أخس الناس ؟
كل تلك الأسئلة كان يجب تطرح بكل
جديه وشجاعة ، وان ينتهي كل هذا اللغط من الجانبين الحضرمي والمهري ، ويتجهوا
للبناء والتعمير ، كل في نطاقه الجغرافي ، لا ان يستدعوا التاريخ وكافة الأسلحة العلمية
والأدبية لينال طرف على الاخر ، فما يجمع المحافظتين أكثر مما يفرقهم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق