اختلاف الألسن سنة ربانية
بقلم
الدكتور / سعيد سعد القميري
لماذا وجد التعصب الكبير
للغة؟ اليس اختلاف الألسن هي آية ربانية لقوله تعالى { واختلاف ألسنتكم } ، أم ان هناك
فضلى للغة وللهجة معينة على الأخرى؟
مهري ، أنتسب لقبيلتي
، وميزنا الله بهذا اللسان المختلف ، ولكن الحمد لله للعربية مكانة في قلوبنا تفوق
لغتنا الأم المهرية ، والمهرية تتواجد بها الكثير من الكلمات العربية الفصحى المهملة
حاليا ، ولازالت قيد الاستخدام في المهرية، والمرجع ابن منظور للمعاني ، وهذا ما جعلنا
نفتخر باللغة العربية التي اختارها الله لأقدس وأعظم كتاب رباني هو القرآن الكريم .
السبئية والحميرية هن
كذلك السنة مختلفة، وهي خلقة الله واختياره لتلك الشعوب، ولكن بحسب اعتقادي ذلك اللسان،
لا يختلف كثيرا عن السن الشعوب العربية الأخرى فهي جميعا انحدرت من أصل واحد، واختلفت
كل لهجة عن الأخرى بحسب طبيعتها، ومكان تواجدها ، وخير دليل على ذلك ، هم شعراء الجاهلية
الذين ينتسبون للسان الحميري ، ولكنهم قدموا أروع وأجمل ملاحم شعرية باللغة العربية
الفصحى، ولكن حينها لم يكن هناك أي تعصب للغة او اللهجة، مثل ما نراه اليوم ، بل كان
الجميع لحمة واحدة والتنافس بينهم يسوده الود والاحترام .
ان الدعوة للعصبية
والتعصب ، والتشرذم لا يخدم لغاتنا ولهجاتنا، بل يؤدي الى التناحر بين متحدثيها ، فلندعو
جميع المهتمين ان يعملوا دراسات مقارنة بين جميع تلك اللهجات او اللغات، دون التحيز
للغة او لهجة معينة ، وان يساعدوا على بقائها وديمومتها.
وأسواء مثال على نتائج
ذلك التعصب، هو ما فعله المستشرقون اليهود ، عندما احييوا كتابة اللغة الكنعانية واسموها
العبرية، بل واعتبروها هي اللغة الفضلى، ومن يخالفهم، او يرجعها الى اصلها الارامي،
الكنعاني، العربي، يتهمونه بمعاداتهم، او معاداة السامية، كما يزعمون .
خوفي الآن على الذين
يتعصبون للحميرية والسبئية ان يخرجوها من منظومها ومجتمعها العربي، وان يركب موجة هذا
التعصب الكثير من المتربصين بأمتنا ونسيجها الاجتماعي، قبل اللغوي.
ما يثير قلقي كذلك،
هو العزف على اوتار التشرذم، بمختلف انواعه، التي تدعي الحب والولاء للطائفة وما يميزها
عن الطائفة الأخرى.
دعوكم من الاختلاف ،
فهذه سنة كونية، وما يربطنا هو اكبر وأغلى مما يميز بعضنا عن البعض، أمسكوا العصاء
من المنتصف، وعضوا عليه بالنواجذ، من أجل ترابط لحمتنا، وأصالة الدم المشترك الذي يجري
في عروقنا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق