بعد 20 سنة من تأسيس كلية التربية .. هل آن الأوان لــ " جامعة المهرة " أن ترى
النور ، أم أن المعاناة والتجاهل سيستمر
تقرير / عمر علمي نيمر
تأسيس جامعة المهرة أصبح أمرا حياتيا ، ومطلبا ملحا ، وغاية سامية ،
وهدفا نبيلا ، واحتياجا وضرورة كون الطالب في محافظة المهرة يغترب إلى محافظات الأخرى ، فيعاني الأمرين ، من
الغربة ، وضيق الدعم ، ولا ننسى ما يلاقيه الطالب من ابتزاز وضغط من قبل بعض من يعملون
في تلك الجامعات .
قصة انشاء الجامعات
اليمنية قصة فيها الكثير من الجهد والطلب ، فكل تلك الجامعات لم ترى النور الا بعد
جهد كبير من ابناءها ، لذلك بحثت عنها ، البحث الذي يؤكد أن أغلب المحافظات لديها جامعات
باسم محافظاتها ، فحضرموت ، وصنعاء ، وعدن ، وتعز ، ومأرب ، وذمار ، وغيرها من المحافظات
، وهذا أمر يثلج الصدر .
كلية
التربية بالمهرة
بعد توسع رقعة
التعليم في المهرة ، وانتشار التعليم الأساسي والثانوي اتجهت العقول والقلوب
لاستكمال ما تم بدايته ، ونتيجة للمعاناة التي كان يعيشها أبناء المهرة الراغبين
لإتمام مرحلة التعليم الجامعي بدأت فكرة الجامعة تراود الكثير من أبناء المهرة ،
تلك الفكرة التي لم ترى النور ، الا أن ما خفف وقع الانتظار تأسيس وانشاء كلية
التربية بالمهرة ، تلك الكلية التي كانت بمثابة الحلم الذي طال انتظاره وتحقق في
الأخير .
يقول الدكتور سالم
بافطوم عميد كلية التربية في لقاء سابق :
( جاءت فكرة انشاء كلية في المهرة نتيجة للمعاناة التي كان يعيشها ابناء محافظة المهرة
ورغبة الكثير منهم في اكمل تعليمه الجامعي وخاصة الفتيات حيث ان المحافظة حرمت لسنوات
طويلة من التعليم وان وجد فهو تعليم اساسي
حتى التعليم الثانوي كان عدد المدارس الثانوية محدود جدا حيث كانت هناك ثانوية واحدة
فقط بالمحافظة وهي ثانوية حسان وبعدها تم افتتاح
ثانوية في سيحوت وأخرى في حوف وقشن وهكذا الى
ان اصبح الثانويات في كل مديرية تقريبا بل ان بعض المديريات بها اكثر من ثانوية وأصبحت
هناك ثانويات خاصة بالبنات في كلا من الغيضة وسيحوت .
وكانت فكرة انشاء كلية
في المهرة لأول لجامعة عدن ، ولم تكتمل الفكرة
الى ان جاء تأسيس جامعة حضرموت وعمل الدكتور علي هود باعباد أول رئيس لجامعة حضرموت
على تنفيذ الفكرة على أرض الواقع ومعه عدد من ابناء المحافظة وتم افتتاح الكلية في
العام الجامعي 98- 1999م بقسمين هما الدراسات
الاسلامية واللغة العربية والتحق بهذين القسمين قرابة التسعين طالب وطالبة
, ثم افتتح في العام الدراسي 1999-2000م قسم ثالث هو قسم الرياضيات .
التحق بالكلية آنذاك 32 طالب وطالبة وافتتح في العام الجامعي 2003-2004م قسم رابع هو
قسم اللغة الإنجليزية وتقدم للدراسة فيه
65 طالب وطالبة في المبنى الواقع فيه حاليا مكتب التربية والتعليم بالمحافظة
الى ان تم الانتقال الى المبنى الجديد في العام الجامعي 2004-2005م وتخرجت اول دفعة
من الكلية في العام الجامعي 2001-2002م )
.
كلية التربية تخرج
منها دفعات تلو والأخر دون كلل وممل ، تقوم بمهامها بأكمل وجهه في ضل ما يمر به الوطن
من حروب ومشاكل ومعاناة ، ففي قسم الدراسات الإسلامية تخرج منها أكثر من 15 دفعة ،
وكذلك قسم اللغة العربية ، وفي قسم اللغة الإنجليزية تخرج منها أكثر من 9 دفعات
ومثلها في الرياضيات .
الفتاة المهرية
والتعليم الجامعي
اقبال الفتاة المهرية
على الالتحاق بالكلية خلال السنوات الماضية واضح جدا من خلال الاعداد الكبيرة التي
تلتحق بالكلية وأعدادهن اكبر بكثير من عدد الطلاب المهريين , حيث فيه هناك طالبات من
مناطق بعيدة جدا جاءت منها الطالبات وهذا شي طيب وعامل مشجع رغم ان التخصصات الحالية
لا تلبى طموحات ورغبات الملتحقين ، مما يدل ويؤكد احتياج المحافظة الى جامعة ، فهذا
الأمر سيسهل الكثير ، بل وسيعطي زخم أكثر في مرحلة التعليم الجامعي ، ومع مرور السنوات
سيكون الاكتفاء الذاتي للمحافظة .
الكلية التربية خلال الفترة الماضية حققت الاهداف
المرجوة منها الى حد ما حيث رفدت التربية والتعليم بالمحافظة بالمعلمين المؤهلين في
تخصصات الدراسات الاسلامية واللغة العربية واللغة الانجليزية ورفدت المكاتب الادارية
الاخرى كمكتب وزارة النفط ومكاتب السياحة والصناعة وغيرها , ولكن بعض التخصصات كالدراسات الاسلامية مثلا اصبح سوق العمل متشبع وبهاو اصبح خريجي الدراسات
الاسلامية يشكلون عبء على مكتب الخدمة لكثرة أعدادهم لان
سوق العمل اصبحت متشبعة والمحافظة بحاجة الى تخصصات جديدة تلبي حاجة المحافظة ، وهذا
لن يستقيم الا بتأسيس جامعة المهرة .
حوافز طلاب
المتفوقون في الكلية
تقدم الجامعة والسلطة المحلية وبعض الجمعيات الخيرية
بعض الحوافز للطلاب المتفوقين فالجامعة تكرم كل سنة الطلاب الاوائل بجوائز مادية وعينية وكذلك اعفاء الطلاب الاوائل من دفع رسوم الانشطة ويقدم الصندوق الخيري للطلاب
المتفوقين للطلبة الاوائل من ابناء المهرة بالكلية مبالغ مالية شهرية , حيث تم افتتاح
فرع للصندوق عام 2011م تقريبا في الكلية .
يقوم هذا الفرع برفع
اسماء الطلاب الاوائل الى الصندوق حيث بدأ بكفالة 3 طلاب واليوم يوجد عدد 13 طالب وطالبة
بالكلية يستفيدوا من مساعدات الصندوق الخيري وكذلك يقدم الصندوق كل سنة منح تنافسية
خارجية لطلاب الثانوية العامة بقسمة الادبي والعلمي ونجدها فرصة ان ندعو ابناء المهرة ليتقدموا للمنح
التي يقدمها الصندوق ، حيث ان ابناء المهرة لم يتقدم احد منهم لهذه المنح للعام الماضي
وهذا العام فمن لديه الرغبة يتواصل مع فرع الصندوق بالكلية او من خلال موقع الصندوق
على شبكة الانترنت , اما مشاركة المجتمع المحلي ( سلطة محلية ، رجال أعمل وجمعيات وغيرها
) فان مشاركتها صفر ولم يتقدم أي جهة لمساعدة
الطلاب ونأمل من اهل الخير ورجالات المهرة
مساعدة طلاب المهرة سواء الدارسين في الكلية اوفي الجامعات الاخرى .
قرار رئيس
الجمهورية ، والتباطؤ في الإنجاز
كذلك هناك محافظات لديها
قرار جمهوري مسبق ، بإنشاء جامعات لهم ، فقلد أصدر قرار جمهوري رقم (199) بإنشاء جامعة
عمران ، كما أصدر القرار الجمهوري برقم (119) لسنة 2008م بشان إنشاء جامعات (لحج ،
أبين ، الضالع، حجة، البيضاء ) ، وهنا نرى أن المهرة ليست مع ذلك القرار .
وفي سنة 2010م صدر قرار
رئيس الجمهورية رقم (77) قضى بإنشاء جامعة
شبوة ، كما صدر القرار الجمهوري رقم (140) لسنة 2010م قضى بإنشاء جامعة وادي حضرموت
، مع العلم أن حضرموت لها جامعة باسمها ، ولكن كثرة الجامعات دليل على الوعي التعليمي
وحب العلم .، وبنفس العام صدر القرار الجمهوري رقم (141) لسنة 2010م قضى بإنشاء جامعة
صعدة ، ولا زلت المهرة غائبة !
كما ترون لم يتحرك من
بين أبناء المهرة من يطالب بإنشاء جامعة في المحافظة ، فالكل ينتظر من الأخر أن يفعل
ذلك ، وهكذا أصبحنا على الهامش ، حتى أن هناك من المحافظات الأخر من يشارك المؤتمرات
العلمية والتجمعات الثقافية باسم المهرة دون الرجوع الى أصحاب الشأن .
المؤسف أن كل تلك المحافظات صدر لها قرار جمهوري بإنشاء جامعات في محفظاتهم
لم تكن محافظة المهرة من بينها ، تخيلوا ، لم تكن المهرة من بينها ، أيعني هذا أن قيادات
ورجال تلك المحافظات أحسن حالا من قياداتنا ورجالنا ؟
المحافظة لا ينقصها
شيء ، فالمبنى متوفر ، والطلبة متوفرين ، والمنهج من الممكن أن يوفر بأسرع ما يمكن
، والكادر الأكاديمي متوفر أيضا ، حتى وإن لم يكونوا من أبناء المحافظة ، ولم يكن للمهرة
حاملي الشهادات العليا بالقدر المطلوب ،
ولم يكن ذلك عائقا .
كخطوة أولى من
الممكن افتتاح كليتين ، كلية للعلوم الادرية من محاسبة وإدارة اعمال واقتصاد ، وكلية
المجتمع ، إضافة الى كلية التربية ، وفي المستقبل يكبر الحلم ويكون أكثر ثباتا
وقوة .
لماذا
الإحباط
ثم لماذا البعض يعتقد
أن البناء والإنشاء ، والتأسيس ، والأعمار لا يستقيم إلا بخطوة واحده ، فهل نسوا أن
الله جل شانه خلق الأرض والسماء و الكون لأيام ، وهو – الله - الذي كان من مقدوره أن
يقول له كن فيكون ، ومع هذا أراد الله أن يعلمنا أن البناء لا يمكن إلا بخطوات ، وكل
خطوة تسبق أخرى ، ونحن في المهرة والحمد لله قد تجاوزنا الكثير من تلك الخطوات ، فلدينا مبنى ، وكلية ، وتخصصات
، وطلبة ، ودكاترة ، لهذا يستحسن أن نسرع في اغتنام الفرصة ، فالدنيا فرص .
غياب الدور
المجتمعي ورجال الأعمال
الحياة بشكل عام لا
تخلو من الصعوبات ، واي حلم لا يتحقق بسهولة ، لذلك فان كلية التربية تواجه الكثير
من الصعوبات منها نقص الهيئة التدريسية وانخفاض نسبة الدكاترة الوافدين ، وضعف التعويض
عنهم بالكادر المحلي ، كذلك قلة الدرجات المخصصة للابتعاث الخارجي .
كل تلك الصعوبات يمكن
تذليلها اذا تكاتف الجميع ، فدور المجتمع من السلطة المحلية والشيوخ واعيان البلد ورجال
الاعمال مهم جدا ، ولابد أن يتكاتفوا لانتشال الوضع المزرى في المحافظة تعليميا وثقافيا
، فالتجاهل من قبلهم وعدم اهتمامهم للتعليم يجب أن ينتهي ، فالأمم والشعوب تتقدم بالعلم
والمعرفة ، وهذا ما نراه في مجتمعات أخرى ، حيث يتكاتف الجميع بدأ من السلطة وانتهاء
برجال الاعمال للنهوض بمجتمعاتهم ، والمساهمة في تطوريها .
ضغط
السلطة المحلية على وزارة التعليم العالي
السلطة المحلية لن
تألو جهدا في تحقيق الحلم ، ولكن ذلك الجهد
لا يجب أن يكون بقوة ودفعة واحده ثم يبدأ التراخي والجمود ، فالأحلام الكبيرة لا
تتحقق بوتيرة واحدة ، وانما مراحل متعددة ، وإصرار ، لا أن نرى استخراج قرار من
رئيس الجمهورية ينص بسرعة تأسيس جامعة المهرة ، ثم بعد ذلك يتوقف كل شيء ، فلا
متابعة ولا محاولات أخرى ، وكأن الأمر كان في الأصل للترويج الإعلامي والتلميع
لصورة السلطة .
نعتقد جزما أن
السلطة المحلية لديها الخادمة والقوة والصوت الذي يوصل الحلم الى بر الأمان ،
ويقربه أكثر وأكثر ، فضغط السلطة المحلية في المحافظة على وزارة التعليم العالم
بإنشاء جامعة المهرة سيكون من وراءه نتائج
كبيره ، ولكن قبل ذلك لابد ان يكون هناك إصرار لا حدود له ، فهل سنرى ذلك .
الابتعاث
الخارجي
يتم ابتعاث أعضاء الهيئة
التدريسية المساعدة لدراسة الماجستير والدكتوراه على حساب الجامعة ويأتي هذا في أطار
التأهيل الاكاديمي لأعضاء الهيئة التدريسية المسعدة (معيد - مدرس) لجامعة حضرموت ،
أما بقية الطلاب فهناك وزارة خاصة تسمى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ( ادرأه
البعثات) ومهمتها ابتعاث الطلاب للدراسة سواء كان في الداخل او الخارج في مساق البكالوريوس
والماجستير والدكتوراه وتتحمل الوزارة النفقات المالية المترتبة على هذه المنح .
على رجال الاعمال
والتجار والخيرين والسلطة المحلية أن تخصص ميزانية لابتعاث الطلاب من أبناء المهرة
ومساعدتهم لدراسة الماجستير والدكتوراه ، فهذا الأمر يقرب المسافة في تحقيق الحلم
، ويجعل الأمر ممكنا أكثر من ذي قبل ، وهذا لا يعني انتظار سنوات لتخرج أؤليك
الطلاب ثم بعد ذلك تأسيس الجامعة ، وانما الشروع بالتأسيس يساعد تطبيق فكرة
الابتعاث ويقويها .
هل
سيتحقق الحلم ونرى جامعة المهرة في القريب العاجل
نرجو من الله ذلك ،
فالجامعات والمعاهد والاكاديميات دليل على الوعي المجتمعي ، وبدونها تكون تلك
المجتمعات عاله على غيرها في كل جوانب الحياة ، لذلك نتمنى أن تكون هناك جهود
كبيرة من قبل السلطة في المحافظة والشيوخ والاعيان والمثقفين والمتعلمين ورجال
الأعمال .
0 التعليقات:
إرسال تعليق